شريف عادل (واشنطن)
بعد أن تعرضت إحدى طائراتها من طراز 737 ماكس 8، المملوكة للخطوط الجوية الإثيوبية، للسقوط، ولقي كل ركابها حتفهم، تستعد شركة بوينج، عملاق صناعة الطائرات التجارية، لتحمل تكلفة ضخمة، قد تصل إلى مليارات الدولارات.
وكانت البداية من الصين، التي منعت السلطات فيها تسيير أي رحلات داخلية على طائرات 737 ماكس 8، قبل أن تتبعها السلطات في كل من أستراليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وأغلب دول الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الدول.
وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليمات يوم الأربعاء بمنع تسيير الطائرة في الولايات المتحدة.
وتوقع مركز أبحاث مليوس ريسيرش وجيفيريز تحمّلُ بوينج مبلغاً يتراوح بين واحد وخمسة مليارات من الدولارات، في حالة إيقاف تسيير رحلات طائرات 737 ماكس بالكامل، لمدة ثلاثة أشهر.
وترتب على الحادث، وهو الثاني من نوعه في أقل من ستة أشهر، انخفاض سعر سهم شركة بوينج في بورصة نيويورك، في الدقائق الأولى من أول أيام عمل الأسبوع بأكثر من 13%، ليقلصها إلى أقل من 6% قبل انتهاء اليوم، ثم انخفاض آخر بالنسبة نفسها تقريباً في اليوم التالي، قبل أن يستقر في تعاملات الأربعاء، ثالث أيام عمل الأسبوع الذي سقطت قبيل بدايته الطائرة المنكوبة.
وتعد الطائرة 737 ماكس 8، التي بدأت رحلاتها قبل أقل من عامين، الأسرع مبيعاً ضمن طائرات شركة بوينج، وقالت الشركة: «إنها سلمت 350 طائرة من هذا الطراز إلى مشترين حول العالم، وأن لديها اتفاقات لتسليم أكثر من 4700 طائرة خلال الفترة المقبلة».
وحققت بوينج العام الماضي إيرادات بأكثر من مائة مليار دولار، وتجاوز صافي أرباحها عشرة مليارات دولار. وبأرقام آخر يوم عمل قبل الحادث، حقق سهم الشركة ارتفاعاً يقدر بأكثر من 30%، مقارنةً بسعره في نهاية 2018، وهو ما وضعه على رأس قائمة الأسهم الرابحة في مؤشر داو جونز الصناعي منذ بداية العام.
وتشير التوقعات إلى تحمل عملاق صناعة الطائرات التجارية، الذي يوظف أكثر من مائة وخمسين ألف موظف، مئات الملايين من الدولارات في صورة تعويضات لشركات الطيران، وربما تزيد في حالة فشل الشركة في طمأنة زبائنها بخصوص مواصفات الأمان على طائراتها.
ويقول آرثر روزنبرج، المحامي الشريك بمكتب المحاماة سوبارمان وروزنبرج والمتخصص بقضايا تعويضات الطيران: «التكلفة الاقتصادية على بوينج ستكون باهظة، لو لم يتمكنوا من حل المشكلة فوراً.
لم أر شيئاً مثل هذا طوال عملي بالمحاماة على مدار كل تلك السنوات». واعتبرت شبكة سي ان ان للأخبار أن شركة بوينج هي أحد أهم اللاعبين ذوي النفوذ في واشنطن، نظراً لإنفاقها ملايين الدولارات، كل عام، للتأثير في الكونجرس الأميركي ولجانه.
وتقول السجلات الفيدرالية: «إن بوينج أنفقت العام الماضي أكثر من خمسة عشر مليوناً من الدولارات، وهو ما وضعها في المرتبة العاشرة في قائمة الشركات من حيث الإنفاق، على جماعات الضغط في واشنطن، وفقاً لتقارير لمراكز بحثية غير حزبية، بمجموع إنفاق يصل إلى ما يقرب من 285 مليون دولار على مدار العشرين سنة الأخيرة».
ووفقاً لإيرادات 2017، احتلت بوينج، التي احتفلت قبل ثلاثة أعوام بمرور قرنٍ كاملٍ على تأسيسها، المرتبة الخامسة ضمن الشركات المتعاقدة مع وزارة الدفاع الأميركية، كما تصدرت الشركات الأميركية في قيمة البضائع المصدرة، خلال العام نفسه، بعد أن صدرت ما قيمته 41.8 مليار دولار.
وبلغت مبيعات الشركة في نهاية 2017 أكثر من ثلاثةٍ وتسعين ملياراً من الدولارات، وضعتها في المرتبة الرابعة والعشرين، ضمن شركات فورتشين 500، من حيث حجم المبيعات.